Friday, 27 April 2018

كُنْ وحيدًا

كُنْ وحيدًا 

لكي تجتاز اختبار هذا العالم تحتاج إلى مصاحبة المؤمن الذي يُعينك على دينك، يذكّركَ بزلّاتك، يصحّح مسارك، ولكن هذا لا يعني أن تكونَ تبّاعًا له كالأنعام، لا تفكّر، لا تتأمّل، لا تسعى، لا تعتمد على نفسك، متجاهلاً بذلك القدرة العظيمة التي يختزلها عقلك، ففيكَ ”انطوى العالم الأكبر“، فلا تتّكل على غيرك في بناء شخصيتك وقيام مشاريعك والوصول إلى ما تصبو إليه، ولا تنتظر وجود أسماء أشخاصٍ معك فقط لأنّك تحبّهم، أو لأنك تعودتَ على الاتّكاء عليهم إن ثقل الحمل على ظهرك، واعلم أن محاولاتكَ لإثبات وجودك لهم تُبعدك عن هدفك، وتضيّع وقتكَ الثمين الذي كان من المفترض أن تستغلّه في تطوير نفسك، نعم، وجودهم قد يكون أحد العوامل الرئيسية التي تصنع منكَ إنسانًا مُنجزًا مِعطاءً ولكن هذا لا يعني أن تعلّق كل آمالك عليهم ،وبرحيلهم عنك يختفي كل شيء!

كُن قويًّا، واعتمد على نفسك، وتذكّر أنَك حتى ولو كنت صاحب البريق الآن، وقلب كل المشاريع، والنواة التي يدور عليها النّاس، فإن هذا ”الحلم الجميل“ لن يدومَ لك، وسيأتي بديلك عاجلاً أم آجلاً، وعكّازتك ستكون عكّازةً لغيرك، وحينها ستكون عاجزًا حتى على الوقوف! فلا تنتظر زوال البريق أو وجود البديل لُتفكّر حينها بخطّة لجبرِ كسرك، واجعل إمامَ زمانكَ نُصب عينيك، وقف على رجلك لوحدك لأجله فقط! كُن شجاعًا واعترف بأنّك وحيدٌ في طريقكَ إليه، وهكذا ستختصر طريقك للوصول إليه، فحتّى لو كانت الدنيا كلها معك، ”كُن وحيدًا“ في سعيك إليه، فالتفاتك وانشغالك بجرّهم معك أو تعلّقكَ المُبالغِ بهم قد يؤخّركَ ويؤخّرهم معك.

واسأل نفسك هذا السؤال: ”لو كنتُ أرى إمامَ زماني أمامَ عيني، ينظر لي، يمد يدهُ إليّ، فهل سأستطيع الالتفاتَ إلى الوراء لأبحث عن أحد؟ أم سيأسرني شوقي وسأهرول كالمجنون للوصول إليه؟“ بل حتّى ولو كنتُ بلا ساقين، سأزحف دون تردد، فاعرف قيمة وقتك الثّمين الذي يجب عليكَ أن تستغله للانشغال بالنظر إلى مولاك، فلا تعلّق آمالك على أحد، وهذا لا يعني الانعزال، بل عاشر الناس وكن معهم، ولكن وجّه قلبكَ إلى مولاك، واجعل فؤادك لا يميل إلا إلى سواه، وكن قريبًا منه بعيدًا عن الدنيا حتى ولو كنتَ فيها.

اللهم عجّل لوليّك الفرج …

أحمد صديق
٩ شعبان ١٤٣٩هـ

No comments:

Post a Comment