بحث لطم الخد
كثيرًا ما تتردد على مسامعنا كلمة [الجزع] في مجالس الحسين، وخصوصًا أثناء تأديتنا للشعائر الحسينية، فما هو المعنى الحقيقي لهذه الكلمة؟ وهل الجزع مذموم أو محمود؟ وهل لطم الخد يعتبر من مصاديق الجزع؟
الجزع في اللغة "نقيض الصبر"، أي وصول المرء إلى مرحلة شديدة من الحزن تجعله يفقد صبره فيتصرف تصرفات غير طبيعية، فعن أمير المؤمنين عليه السلام : "الجزع عند البلاء تمام المحنة"(بحار الأنوار 64/235)، وقد ذم أئمتنا الأطهار ع الجزع "بصورة عامة" في نصوص كثيرة، فقد قال الإمام الصادق عليه السلام: "اتقوا الله واصبروا، فإنه من لم يصبر أهلكه الجزع"(بحار الأنوار 68/59)، فالجزع من الصفات المذمومة التي لا يجب أن يتصف بها المؤمن، ولكن... هل ينطبق هذا القول على المولى الحسين عليه السلام؟ أم أن قضيته قضية استثنائية!؟
ها هو مولانا الصادق عليه السلام يجيب على هذا التساؤل في قوله: "كل الجزع والبكاء مكروه، سوى الجزع والبكاء على الحسين عليه السلام" (الأمالي 1/162)، وهنا يزيل الإمام الصادق عليه السلام الذم في الجزع في حال ارتباطه بالإمام الحسين عليه السلام، ولا يكتفي بإزالة الذم بل يشجع الجزع عليه بقوله بأن الجازع [مأجور] في الحديث: "إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع، ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن علي ع، [فإنه فيه مأجور]"(كامل الزيارات)، فبالجزع على الإمام الحسين ع يؤجر المرء ويثاب وهذا دليل على أن الجزع على الإمام الحسين ع "عبادة"، وقد قال الصادق عليه السلام: "نفس المهموم لظلمنا تسبيح، وهمه لنا عبادة" (بحار الأنوار 44/278)،
وهنا نطرح التساؤل: هل لطم الخد من مصاديق الجزع؟
عند قراءة النص القادم نجد الإمام الباقر عليه السلام يجيبُ ويشرح مظاهر الجزع، فيقول: " أشد الجزع الصراخ بالويل والعويل و[لطم الوجه] والصدر وجز الشعر" (بحار الأنوار 79/89)، وقد لطمَت الهاشميات المخدرات الخدود على الحسين ع؛ ففي اللهوف: لما نظر النسوة إلى القتلى، صِحنَ و[ضربنَ وجوههن] (اللهوف ص130)، وفي الزيارة الناحية المقدسة المنقولة عن صاحب الزمان عج: "فبرزن من الخدور......على الخدود لاطمات" (نفس المهموم)،ومن هنا نستطيع أن نثبت أن لطم الخد من مصاديق الجزع.
وفي الختام أسأل من الله عز وجل أن يجعلنا من الجازعين على الإمام الحسين عليه السلام والمواسين لإمامنا صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف.
بقلم الذليل #أحمدـصديق
No comments:
Post a Comment