| من قوانينِ الحب - الاختلاء |
الحُب هو القلب النابض للإنسانية، وهو الأساس للممارسات الدينية أو الدنيوية، بل المُحرك الرئيسي لجوارح الإنسان الذي يحفزّه للمسير نحو أهدافه، ونجاحه في تحقيقِ هذه الأهداف يعتمد على درجة الحُب، فكلما زادت نسبته كانت النتائج أفضل، كما هو الحال أيضًا في اختيار قلب المرء لإنسانٍ يمتلك المؤهلات التي تجعلهُ المرشح الأول ليأسر هذا القلب فتجده يتمنّى دائمًا الاختلاء بصاحب هذا القلب ليَعيشَ الحُلم الذي طالما تمنّاه.
الاختلاء بالحبيب هو أحد قوانين الحُب ويمكن تعريفه بأنه "الحاجة الملحة للانفراد بالحبيب ليشعرَ الحبيبُ بأنه المسيطر الوحيد على المحبوب"، فـ[الأنانية] هي المهيمنة على مشاعره الأخرى التي تجعله في احتياجٍ مستمر للاحتفاظ بالحبيب له وحده فيرفضُ نهائيًّا أيّ دخيلٍ سيشاركهُ هذا العشق، ويحطّم كل الجسور التي يظن بأنها قد تكونُ معبرًا لأي تهديدٍ "لخاصيّة" العلاقة التي تربطه بهذا الحبيب، وكأنهُ يقبل المعيشة الأبدية في كهفٍ مظلمٍ مع حبيبه لأنه يؤمنُ بأنه هو النور المضيء في حياته والمغذّي الوحيد لروحه في هذه الدنيا [المزعجة]، التي لا يجدُ فيها الا التهديدات والمخاطر التي تزعزع أساسَات قلبه التي يجبُ أن يحافظ عليها؛ فما قلبه إلا "عرشٌ" يتربّعُ عليه معشوقه.
ومن الإستحالة أن يتوفر مرشّح "مخلوق" يمتلك جميع المؤهلات التي تستطيع أَسْرَ القلب والتحكّم بجميع ذرّاته غيرَ الخالق عز وجل، فهو صانعُ وخالقُ الحب، ونحنُ ندّعي بأننا "المحبّون" لله عز وجل، ولكن السؤال: هل ينطبق علينا فعلاً قانونُ الاختلاء؟ هل نحنُ ممّن ننتظر تلكِ اللحظة التي نختلي فيها مع الله عز وجل في الليل لنكون بين يدي رحمته وعظمته؟ هل نسعى دائمًا إلى تطوير العلاقة "الخاصة" التي تربطنا به جل جلاله؟ هل نقطع كل حبلٍ يحاول سلبَ هذا الحُب منا؟ هل نختاره -جلّت أسماءه- إن كانَ يجب علينا أن نحبَّ واحدًا من اثنين؟ هل نحطّم جسر "إبليس" الذي يهدّد ارتباطنا به؟ أم في الحقيقة أننا نحن من نزوّد اللعين بالذنوب ونموّله بالنفاق والرياء والكذب!! ليبني جسرَ الضلال المؤدية للجحيم؟
لن يعرفَ أجوبة هذه الأسئلة إلا المُحبُّ نفسه، فهو أعرف الناس بقلبه ومدى قربها أو بعدها من ربّه، فهنيئًا له إن كان يتحدى نفسه ويعدها بأنه سيبقى وفيًّا بحبّه لله عز وجل.
وفي الختام أسألُ من الله عز وجل أن يجعلنا من المحبّين المخلصين في عبادتنا، المطيعين له السائرين على خُطى رسوله صلى الله عليه وآله، المصدّقين لحبَهم "بفعلهم" وباختلائهم به سبحانه وتعالى.
بقلم العبد الذليل || #أحمد_صديق
١٠ صفر ١٤٣٧هـ