مقالة | لن تدومَ لك.!
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّ على محمد وآل محمد
قال أمير المؤمنين عليه السلام:
"وإنَّ افتقادي فاطمٌ بعدَ أحمدٍ
دليلٌ على أن لا يدومَ [خليلُ]"
بدأتُ بهذه المقدمة لأنها تشرحُ وبعمق كل الذي أريده في هذه المقالة، فهذه هي الدنيا وهذا هو القانون الإلهي الذي أراد الإمام علي عليه السلام أن يشرحه ويوصله لنا، فالدنيا فانية ومؤقتة ولا يدومُ لنا فيها شيء، ولكن يبقى السؤال "لماذا"؟
لماذا لا يدومُ لنا في الدنيا شيء؟ لماذا نقول أنّها مؤقتة؟ لماذا يجب علينا أن نبتعد عن حبّها والتعلّق بها؟ الجواب هو حقيقةُ وجود الحقيقة التي لا يمكن إنكارها وهي "الموت"، فالموت حقّ وهو آتٍ لا محالة، وإن كانَ الموتُ لا يأتي إلا "بغتة" بحيث أننا لا نعلم متى وأين وكيف نموت! فكيفَ نعتقد بوجودِ سعادةٍ حقيقيّة في هذه الدنيا؟ إن كانَ الموت يقفُ عائقًا في وجوهنا عندَ كل ابتسامة نبتسمها! على سبيل المِثال؛ تعلّقتَ بامرأةٍ وأحبَبتها حُبًّا شديدًا بل عشقتها وجُننتَ بها، ودارت الأيّام بعدَ محاولاتٍ منك للحصول عليها، وبعدَ عناءٍ طويلٍ أصبَحَت زوجتك، وصارت حلالًا عليك، وبدأتَ تخطط لحياةٍ رومانسيّة معها، فجهّزت كل ما يلزم للسفر ودفعت المال للحجوزات الفاخرة، ولم تقف عند هذا الحد! بل في الأسابيع الأولى تجد نفسك تتحدث عن الذرية وتسمّي أبناءك وبناتك، وتشتري لهم أفخر غرف النوم وتختزل لمستقبلهم الأموال، وكأنك نسيت أن الموتَ حق!
في عُمقِ هذه السعادة، ماذا سيحدث لو أن الموتَ أتى بغتة؟ والمؤلم والجارح أنّك لا تجهل كيفَ ومتى وأينَ سياتي فقط! فالمصيبة الكُبرى أنك لا تعلم "مَن" سيأخذُ!؟ هل سيأخذك أنت؟ أم زوجتك؟ أم ابنك وابنتك؟ أم كلّكم معًا؟ هل حسبتَ حسابًا للموت الحق كما حسبتَ لمستقبلك المزيّف الذي كلما اقتربتَ منه اكتشفتَ أنه سرابٌ كاذِب لا وجود له! أَينَ ستصرفُ أموالك التي اختزلتها لزوجتك إن ماتَت؟ هل ستنفعك تلكَ الأموال؟ هل ستفيدكَ سعادة شهر العسل عندما تعودُ إلى ديارك لتجدَ نفسك تدفنُ زوجتك؟ هل سيفيدها في قبرها؟ هل فكّرت بهذه الاحتمالات؟ قبل التخطيط العقيم لمستقبلك الدنيوي الذي أنساكَ المستقبل الحقيقي "الآخرة"؟
نعم، من المهم أنك توسّع على عِيالك، وتشتري لهم الهدايا وتفتح عليهم عندما يفتح عليكَ ربّكَ أبواب الرزق، "ولكن" لا يجبُ أن يكونَ هذا جلّ همّك، أو يكونُ السبب في نسيانك لعبادتك وطاعتك لله عز وجل، فيجب عليك معرفة الأهم من المهم، لتحضى بالسعادةِ الحقيقية "الأبدية" التي لا يمكن أن تكونَ في الدنيا المؤقتة، فالدنيا ليست إلا جسر من خشب ضعيف وركيك، يربط العالم الأوّل بالعالم الآخر، فهل من المنطق والعقل أن تقف عليه في وسط الطريق لتبني على هذا الجسر الضعيف بيتًا من الآمال الكاذبة كأنّك ستعيشُ على الجِسر إلى الأبد؟ فكم من قرارٍ تعلمُ أنهُ سليمٌ وقويمٌ وصحيح ولكنّك ترفضه! فقط لأنك خائف من قوانين ومشاعرَ دنيوية كاذبة، وقد ترفضُ أحيانًا مشاريعَ إلهيّة تقرّبك من الباري عز وجل وتعلمُ مدى أهميّتها في حياتك، وأحيانًا تكونُ قد استخرتَ اللهَ عز وجل عليها وتعلمُ أنها جيدة -إن شاء الله- ولكنّكَ تقف فجأة لأنكَ تظنُّ بسبب قوانينك اللا إلهية بأنها ستؤذيكَ بالمستقبل!
إلى درجةِ أنّكَ تقوم أحيانًا بمعارضة نصٍّ قرآنيّ صريح أو حديثٍ نبويّ شريف وتقول: "صحيحٌ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال كذا وكذا و[لكن]..."، فتبدأ بمناقضة نفسك دونَ الشعور بذلك، وتفتح بابَ الشكّ لإبليس ليكسره ويحوّل يقينكَ بقولِ النبي صلى الله عليه وآله إلى شكٍّ بل إلى نكران، وكأنّك لا تصدّق قوله صلى الله عليه وآله ولا تعلمُ بأنّه "لا ينطقُ عن الهوى، إنْ هوَ إلا وحيٌ يُوحى" وكأنك نسيت أن واجبكَ هو أن تُؤمنَ به وبقوله وبفعله وتعتمد عليه فقط! لا على نفسك الدنيئة.
وسؤالي الآن... هل ستستمر بالتخطيط لمستقبلك الذي لا تعلم إن كنتَ ستدركه أم لا؟ أم أنّك ستعيشُ لحظتكَ مع الله عز وجل، لتتخذ القرار السليم الذي يقرّبك "الآن" من الله سبحانه وتعالى لأنك لا تعلم إن كنتَ ستعيشُ بعدَ دقيقة، أم سيأتيكَ الموتُ بغتة!
العبد الذليل لساداته || أحمد صديق
الخميس ٧ ذي القعدة ١٤٣٧هـ الموافق ١١/٨/٢٠١٦
السلاام عليكم
ReplyDeleteاحسننت اخي العزيز والملا احمد صديق
كلامك جميل جدا وصحيح 100% ففي هذه الحياه لن يدوم لك احد لا اخ ولا عزيز ومال ولاجاه ففي هذه الحياه لن يدوم لك الا عملك سوا كان طالح او صال ح
واصــــــــــل يامبدع فانت مبدع كعادتك
Keep wrighting your doing great!
ReplyDeleteKeep wrighting your doing great!
ReplyDelete