Monday, 28 November 2016

لماذا يا بي كي.!؟ (مؤسسة الملا باسم الكربلائي)

لماذا يا بي كي...!؟
 

عندما رأيتَ هذا العنوان، ما الذي كنتَ تتوقّعه؟ وعن ماذا كنت تبحث؟ انتقادٌ جارحٌ لإدارة مؤسسة الملا باسم الكربلائي؟ هجومٌ صريحٌ على قراراتها؟ تسفيهٌ وقدفٌ وتلاعب بالألفاظ التي تتراقص عليها النفس الأمارة بالسوء؟ طعنٌ في نوايا أعضاء المؤسسة وتنابزٌ بالألقاب لنيل رضا الأعداء وعلى رأسهم إبليس لعنه الله؟ اتّهامٌ دون دليل بالسعي وراء المال والشهرة يفرح قلب أعداء المذهب؟ تسقيطٌ في شخص الملا؟
إن كنتَ تبحث عن كل هذا "فيُسعدني" أن أقول لك بأنك لن تجده هنا، ولكني أنصحك في قراءة هذه المقالة المتواضعة على كل حال لأنني أعتقد بأنك تحتاجها.

قال الله تعالى: "وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَىٰ صِرَاطِ الْحَمِيدِ" (سورة الحج:24)، وأقول بعدَ قول الباري جل وعلى: لماذا أصبح مجتمعنا المُسمّى "بالحسيني" مشابهًا لما يحدث بالأوساط الفنية اللادينية التي يكثر فيها المشاحنات التافهة والساذجة البعيدة عن المنطق، وأصبحت ردود أفعالنا مبنية على "المزاج" والذوق الشخصي! ونكتب كل ما نشعر به دون دراسة في أين ومتى وكيف نكتب وننشر، دون التفكير بالعواقب أو بصحة ما نقدم عليه، فهل نسينا هويتنا الحسينية وتعاليم أهل البيت عليهم السلام؟ أم أننا نريد فقط تبادل الحديث "الممتع" عن الآخرين؟ والتلذذ بالغيبة والتشهير السلبي بالبعض؟ أو أننا نحتاج للقليل من "الأكشن" في حياتنا الفنية الحسينية؟

ولمن لا يعلم عن ماذا أتحدث فمقصودي هي بالكتابات التي قرأتها على الهاشتاق (#بي_كي_تسيء_للخدمة_الحسينية)  - ويمكنكم مراجعتها في برنامج التويتر وغيره - اعتراضًا على ما قامت به مؤسسة الملا باسم الكربلائي من احتكارٍ لحقوق الملا مما أنتج عن حذف كل قصائد الملا المرفوعة على القنوات الأخرى غير البي كي، وكل محاضرة أو برنامج أو حلقة أو أي عمل يحتوي على صوته، وللعلم قد أكون شخصيا غير موافق على هذا القرار على الرغم من علمي بأنه قد يكون مهمًّا وخصوصًا لاختراق الإعلام الفني العالمي ليُعترف بالفن الشيعي الحسيني، ولكني أرى أن هذه التضحية كبيرة والمخاطرة تحتاج إلى دراسة أدق من الموجودة، ولكني معارضٌ وبشدة لكيفية "المعارضة" التي رأيتها من "بعض" الجمهور الحسيني.

نعم، قد نكون كلنا مستاءون لما حصل من حذفٍ للأعمال الحسينية، ولكن التعبير عن استيائنا بهذه الطريقة أمرٌ خاطئ كليًّا، فبدل التسقيط العلني للمؤسسة باختيارنا لهذا الهاشتاق كنا نستطيع مثلاً اختيار اسم هذه المقالة (#لماذا_يا_بي_كي) لنسأل على الأقل قبل أن نستنكر، فمن الممكن أن يكونَ هناك جوابٌ مقنع وخطّة لمستقبلٌ حسيني أفضل لا نعلم عنها، أو دراسة لزوايا إعلامية نجهلها، أو شرطًا شرطوه على الملا للاعتراف بالمؤسسة دوليا فتصبح من أوائل المؤسسات الشيعية الفنية المعترف فيها دوليا وعالميا؟ أو أو أو أو.... إلى أن نعدّ سبعين محملاً كما أمرنا أهل البيت عليهم السلام، ولكن الهجوم الشرس بهذه الطريقة واختيار ألفاظ مثل (المارد الظالم) المبالغ فيه حقًّا!

وعلى فرض أن أحد أعضاء المؤسسة مخطئ بكل تصرف يتصرفه وقرار يتخذه، فهل من الصالح أن نعلن عليه الحرب أمام القاصي والداني والجاهل والعالم في برامج التواصل الاجتماعي؟ هل من المنطق أن نعلن معارضتنا لإدارة الرادود الشيعي الأول في العالم الحسيني أمام كل أعداء أهل البيت عليهم السلام؟ لندخل الفرح والسرور على المتربصين بالمذهب الجعفري الاثنا عشري! هل لاحظنا كيف ساهمنا في جعل مؤسسة الملا بل الملا نفسه الذي يرمز إلى اسم "خادم الحسين" عليه السلام فريسة سهلة للأعداء؟ وللتنويه، نعم ولله الحمد قرأت بعض الكتابات الحكيمة من البعض التي تشير إلى رؤيتهم البعيدة لزوايا الموضوع، ولكن للأسف كانت الغلبة للهجوم اللاواعي، وكلي أمل بأن يصحو "البعض" ويتعظ ويستخدم "الطيب من القول" كما في الآية المباركة التي ذكرناها مسبقًا للتعبير عن رأيه بهدوء والابتسامة الحسينية على وجهه.

وفي الختام أتمنى من صميم قلبي أن لا يفهم البعض أن أسأت لهم بكلامي، فيشهد الله عز وجل أني أريد لهم ولي الخير، وكل أملي هو أن يكون المجتمع الحسيني مجتمعًا متميّزًا بأخلاقه العالية، متقلدًا بتعاليم أهل البيت عليهم السلام، وأستغفر الله لي ولكم، وأعتذر عن كل زائدةٍ وناقصة.
 

العبد الذليل لساداته | أحمد صديق
الثلاثاء 29/11/2016

Friday, 12 August 2016

مقالة | لن تدومَ لك.!

مقالة | لن تدومَ لك.!

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّ على محمد وآل محمد

قال أمير المؤمنين عليه السلام:
"وإنَّ افتقادي فاطمٌ بعدَ أحمدٍ
         دليلٌ على أن لا يدومَ [خليلُ]"

بدأتُ بهذه المقدمة لأنها تشرحُ وبعمق كل الذي أريده في هذه المقالة، فهذه هي الدنيا وهذا هو القانون الإلهي الذي أراد الإمام علي عليه السلام أن يشرحه ويوصله لنا، فالدنيا فانية ومؤقتة ولا يدومُ لنا فيها شيء، ولكن يبقى السؤال "لماذا"؟ 

لماذا لا يدومُ لنا في الدنيا شيء؟ لماذا نقول أنّها مؤقتة؟ لماذا يجب علينا أن نبتعد عن حبّها والتعلّق بها؟ الجواب هو حقيقةُ وجود الحقيقة التي لا يمكن إنكارها وهي "الموت"، فالموت حقّ وهو آتٍ لا محالة، وإن كانَ الموتُ لا يأتي إلا "بغتة" بحيث أننا لا نعلم متى وأين وكيف نموت! فكيفَ نعتقد بوجودِ سعادةٍ حقيقيّة في هذه الدنيا؟ إن كانَ الموت يقفُ عائقًا في وجوهنا عندَ كل ابتسامة نبتسمها! على سبيل المِثال؛ تعلّقتَ بامرأةٍ وأحبَبتها حُبًّا شديدًا بل عشقتها وجُننتَ بها، ودارت الأيّام بعدَ محاولاتٍ منك للحصول عليها، وبعدَ عناءٍ طويلٍ أصبَحَت زوجتك، وصارت حلالًا عليك، وبدأتَ تخطط لحياةٍ رومانسيّة معها، فجهّزت كل ما يلزم للسفر ودفعت المال للحجوزات الفاخرة، ولم تقف عند هذا الحد! بل في الأسابيع الأولى تجد نفسك تتحدث عن الذرية وتسمّي أبناءك وبناتك، وتشتري لهم أفخر غرف النوم وتختزل لمستقبلهم الأموال، وكأنك نسيت أن الموتَ حق!

في عُمقِ هذه السعادة، ماذا سيحدث لو أن الموتَ أتى بغتة؟ والمؤلم والجارح أنّك لا تجهل كيفَ ومتى وأينَ سياتي فقط! فالمصيبة الكُبرى أنك لا تعلم "مَن" سيأخذُ!؟ هل سيأخذك أنت؟ أم زوجتك؟ أم ابنك وابنتك؟ أم كلّكم معًا؟ هل حسبتَ حسابًا للموت الحق كما حسبتَ لمستقبلك المزيّف الذي كلما اقتربتَ منه اكتشفتَ أنه سرابٌ كاذِب لا وجود له! أَينَ ستصرفُ أموالك التي اختزلتها لزوجتك إن ماتَت؟ هل ستنفعك تلكَ الأموال؟ هل ستفيدكَ سعادة شهر العسل عندما تعودُ إلى ديارك لتجدَ نفسك تدفنُ زوجتك؟ هل سيفيدها في قبرها؟ هل فكّرت بهذه الاحتمالات؟ قبل التخطيط العقيم لمستقبلك الدنيوي الذي أنساكَ المستقبل الحقيقي "الآخرة"؟

نعم، من المهم أنك توسّع على عِيالك، وتشتري لهم الهدايا وتفتح عليهم عندما يفتح عليكَ ربّكَ أبواب الرزق، "ولكن" لا يجبُ أن يكونَ هذا جلّ همّك، أو يكونُ السبب في نسيانك لعبادتك وطاعتك لله عز وجل، فيجب عليك معرفة الأهم من المهم، لتحضى بالسعادةِ الحقيقية "الأبدية" التي لا يمكن أن تكونَ في الدنيا المؤقتة، فالدنيا ليست إلا جسر من خشب ضعيف وركيك، يربط العالم الأوّل بالعالم الآخر، فهل من المنطق والعقل أن تقف عليه في وسط الطريق لتبني على هذا الجسر الضعيف بيتًا من الآمال الكاذبة كأنّك ستعيشُ على الجِسر إلى الأبد؟ فكم من قرارٍ تعلمُ أنهُ سليمٌ وقويمٌ وصحيح ولكنّك ترفضه! فقط لأنك خائف من قوانين ومشاعرَ دنيوية كاذبة، وقد ترفضُ أحيانًا مشاريعَ إلهيّة تقرّبك من الباري عز وجل وتعلمُ مدى أهميّتها في حياتك، وأحيانًا تكونُ قد استخرتَ اللهَ عز وجل عليها وتعلمُ أنها جيدة -إن شاء الله- ولكنّكَ تقف فجأة لأنكَ تظنُّ بسبب قوانينك اللا إلهية بأنها ستؤذيكَ بالمستقبل!

إلى درجةِ أنّكَ تقوم أحيانًا بمعارضة نصٍّ قرآنيّ صريح أو حديثٍ نبويّ شريف وتقول: "صحيحٌ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال كذا وكذا و[لكن]..."، فتبدأ بمناقضة نفسك دونَ الشعور بذلك، وتفتح بابَ الشكّ لإبليس ليكسره ويحوّل يقينكَ بقولِ النبي صلى الله عليه وآله إلى شكٍّ بل إلى نكران، وكأنّك لا تصدّق قوله صلى الله عليه وآله ولا تعلمُ بأنّه "لا ينطقُ عن الهوى، إنْ هوَ إلا وحيٌ يُوحى" وكأنك نسيت أن واجبكَ هو أن تُؤمنَ به وبقوله وبفعله وتعتمد عليه فقط! لا على نفسك الدنيئة.

وسؤالي الآن... هل ستستمر بالتخطيط لمستقبلك الذي لا تعلم إن كنتَ ستدركه أم لا؟ أم أنّك ستعيشُ لحظتكَ مع الله عز وجل، لتتخذ القرار السليم الذي يقرّبك "الآن" من الله سبحانه وتعالى لأنك لا تعلم إن كنتَ ستعيشُ بعدَ دقيقة، أم سيأتيكَ الموتُ بغتة!

العبد الذليل لساداته || أحمد صديق
الخميس ٧ ذي القعدة ١٤٣٧هـ الموافق ١١/٨/٢٠١٦

Tuesday, 26 January 2016

الماضي المظلم والمستقبل المؤلم - مقالة


| لا تجعل الماضي المظلم يصنعُ مستقبلاً مؤلم |

اليَأس مرحلةٌ لا يصلها إلا ضعيف الإيمان بالله عز وجل والبعيد عن الإمام الحسين عليه السلام، وعادة ما يكون سببها هو تثاقل الذنوب والمعاصي على ظهر النفس اللوامة فحيثُ تصبح مدفونةً تحت هذه الذنوب، فيصبح تأثيرها ضعيفًا وقد يكون معدومًا، وبالمقابل تقوى النفس الأمارة بالسوء التي تشجع على طاعة اللعين إبليس، فلا يجد هذا العبد حلاًّ لعُقدته مع الذنوب! ولا يحدّث نفسه إلا بالإحباط ولا يرى أمامه إلا ذنوبه السابقة مُعتقدًا بأنها لن تُغفر بسبب عظمتها وكثرتها.

وكل هذه الأمور مجرد أوهام خادعة وسراب كاذب، فعندما نتأمل قليلاً ونصنع في مخيّلتنا بابًا [للتوبة] والواقف على هذا الباب هو الحبيب المولى الحسين عليه السلام، فهل من الممكن أن يعتقد العبد بأن المولى الحسين ع يُغلق هذا الباب!؟ وما نعرفه بأنه هو الكريم الذي لا يردُّ سائلاً قط! وهو من يأخذ بأيدينا إلى الله عز وجل ليغفر لنا ما تقدم من ذنبنا وما تأخر، لنسلك معه وبقيادته طريق الهداية، لأنه صلواتُ الله عليه هو "مصباح الهُدى" و [سفينة النجاة]، التي ينجو من ركبها فلماذا كل هذا اليأس مادام هذا الأب الرحيم الكريم العظيم موجود!؟

ولو تحدّثنا عن الماضي المؤلم المليء بالذنوب وكيف لنا أن نخدم الحسين عليه السلام ونُسَمّى أمامَ الناس بـ"خدام الحسين" ونحن بماضيّنا لا نملك إلا وجهًا أسود اللون بسبب ما اقترفناه!! فستكون الإجابة بكل بساطة "أين كان الحُر بن يزيد الرياحي وأين أصبح!؟"، فالحُر لم يقترف "أي ذنب وحسب"! بل أعظم الذنوب وهي محاربة خليفة الله في أرضه وابن بنت نبيّه، ولم يكتفي بذلك بل استمر وأدخل الرعب في قلب نسائه، فهل هناك ماضي أكثر ظلمةً من هذا الماضي!؟ ولكنه خلال لحظات فقط، استغلّ ضميره التي تحرك وركض إلى الحُسين عليه السلام ليُقبّل ما بين رجليه ليطلب العفو والمعذرة مُعلِنًا توبته تحت رجل مولاه، فهل كان جواب الحسين عليه السلام قبلتكَ وانتهى؟ وهو الأب الرحيم وأبو العِباد المُلقّب بأبي عبدالله، وهو مصباحُ الهدى للعالمين؟ بالطبع لا، فلمن يكتفي الإمام بالعفو عنه، بل بإهدائه أعظم هدية، فكانت جائزة الحُر هو أن يكون أول شهيد في جيش الحسين عليه السلام بعد إعلانه لتوبته.

ولو تحدثنا عن الشهم الشجاع الفارس "وَهَب المسيحي" الذي لم يصلي ولم يحج ولم يُزكي على الإطلاق، وأعلنَ إسلامه بين يدي إمامه الحسين عليه السلام، وحارب فورًا وقُتل هو وأمه وكان مثواه الجنة وجائزته هي نيل أعلى الدرجات لنصرته للمولى الحبيب الحسين عليه السلام، فلو جعلنا للماضي تأثيرًا وجعلنا الحُر من المتراجعين بسبب ماضيّه ووهب بسبب دينه المسيحي، لخالفنا قول الإمام الصادق عليه السلام إذ أنه في زيارته لجده الحسين عليه السلام وأنصاره لا يكتفي بفداء نفسه فقط! بل يقول "بأبي أنتم وأمي" لهؤلاء الأنصار! ولخالفنا أيضًا الإمام الحسين عليه السلام نفسه حينما أعطى شهادة التقدير لأنصاره وقال "لا أصحاب كأصحابي".

نعم، هذا هو الحسين عليه السلام وهكذا ما يحصل عليه كل من يأتيه سائلاً العفو ليتوب إلى الله عز وجل بين يدي إمامه، فلا تجعل ماضيكَ يصنع حاجزًا بينك وبين خدمة حبيبك الحسين عليه السلام بسبب خوفك من ذنوبك وخوفك من هجوم الناس عليك لأنهم لن يتقبلوا ماضيك، واجعل الحُر نُصب عينيك، وانسى الماضي وتوجه إلى كربلاء وقلها بقلبٍ صادق "العفو ياحسين" ثم ارفع رأسك ويدك إلى السماء واهتف [إلهي بالحسين .. تُب علي]، وابدأ صفحة جديدة في حياتك عنوانها [ح س ي ن]، وتعلم من ماضيك المظلم وحوله بالدمعة والاعتذار والتوبة والحُب إلى نورٍ يُشرق لك المستقبل في خِدمة المولى الحبيب الحُسين عليه السلام.

ولا تنساني من دعائك إن تحرّكَ قلبك..
العبد الذليل لساداته / أحمد صِدّيق