Thursday, 9 July 2020

مليكةُ السِّر

مليكةُ السّر 

انتصفَ الشَّهرْ، واكتملَ القَمَرْ، في ليلةٍ خشعَ فيها الوجود، واصطّفَّت فيها أحلامُ النبوّات والرسالات لتعلّق كل ما تملك من أمل بأستارِ نورٍ.. 
سيظهرْ! 

كانَ سِرًّا مخفيًّا سَجَدت لهُ الملائكة، تناقَلَتْهُ الأصلاب الشّامخة والأرحام المُطهّرة، حتّى قرّرَ الانفصال عندما وصلَ إلى ”شيبةِ الحَمد“، ليجتمعَ مرّة أخرى في صُلبِ ”ذبيحٍ“ سيثأر له فيما بعد، وعادَ لانتقاله في بيوتٍ أذنَ الله أن تُرفعَ ويُذكر فيها اسمه، حتى أذنَ لهُ ﷻ أن يستعدَّ للظهور الأول بعد أن اصطفى الوعاء الذي يملك الأهلية المُطلقة لحملهِ والحفاظ عليه إلى حين الوقت المعلوم من هذه الليلة، وعاءٌ استثنائي مَلَكَ الدنيا باحتوائه على سرّها وسيّدها، وكانَت ”مليكة“ هي الوعاء والغطاء والمالكة لهذا السّر.

دخلَت في ليلتها المُنتَظَرة، فانحنَت لها بنتٌ وأختٌ وعمّةٌ لإمام تعظيمًا لها، مَشَتْ.. فماسَت العدالة كالعروس، جلستْ.. فتكلّلَ الكون بالأمل الموعود، نامتْ.. فاستعدَّت السماوات والأرضين بساكنيها، فَزِعَتْ.. فضجَّ الكون! لقد حانَ الوقت، لم يكُن عليها أَثرْ، ولكنَّه وقتها المُنتظَرْ، نعم.. أملها حضَرْ، إنه حلمها وحلمُ الأربعة عَشَرْ، فأخفاها ﷻ عن البَصَرْ، وأُزِيلَ الحجاب الغيبي.. 
وإذا بالسرِّ قد ظهرْ! 

عبد ”مليكة“ القِن  #أحمد_صديق
الثلاثاء ٢٤ يونيو ٢٠٢٠
١ ذي القعدة ١٤٤١هـ

Sunday, 2 February 2020

أتطلبُ أمرًا لم يَخلقهُ الله؟ - مقالة

أتطلبُ أمرًا لم يَخلقهُ الله؟


هل من المعقول أن هناك من يسعى للحصول على شيءٍ لم يوجده الله عز وجل في هذه الدنيا؟ هل من الممكن أن يشتبه الأمر على العبد لهذه الدرجة؟ نعم، إن كانَ هذا العبد "مؤمنًا" ويطلب "الراحة في الدنيا"


لنفكّك هذه المعضلة علينا أن نفهم ماهيّة هذه الدنيا ولماذا أوجدها الخالق عز وجل، وباختصار هي دارُ اختبار وعبور وليست دار بقاء وخلود، أعدّها سبحانه ليبحث فيها العبد عن الحق، وقد يبتليه فيها حتى وإن وجدَ الحق، تارة يكون البلاء في الحقّ نفسه والإيمان فيه، وتارة أخرى قد يكون البلاء في المالِ أو الأهل أو العافية، وقد صرّح باقر الآل ع بتلازم البلاء مع الإيمان حين قال: "إن الله عز وجل ليتعاهد المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الرجل أهله بالهدية من الغيبة" #الكافي ، وأمّا لماذا الابتلاء؟ فالجواب هو رحمةً لهذا المؤمن، فبلاؤه إما أن يكونَ غفرانًا لذنوبه أو رفعةً لدرجة يوم القيامة - كما تُشير الروايات -، وكلما زاد العبد في إيمانه زادَ ابتلاؤه في الدنيا، كما يقول الإمام الصادق ع: "إنما المؤمن بمنزلة كفة الميزان، كلما زيد في إيمانه زيد في بلائه" #الكافي ،فنعود هنا لنسأل حول النقطة الأولى، أليسَ هناك سبيلٌ للراحة للعبد المؤمن في هذه الدنيا؟


بعدَ ما تقدّم، من البديهي أن الراحة لن تتوفّر في دارٍ أعدّها الحكيم جلّ وعلا للاختبار، دارٍ مؤقّتة لن تدوم، وكيفَ سيكون هناك راحة بوجود "الموت"؟ وجهل ميعاده، فحتى لو مَلَكَ العبد شرقَ الدنيا وغربها، فيكفيه رُعب حقيقة الموت وسلب راحة باله واستمتاعه بنعمته، والمؤمن الحق هو الذي ينتظر راحته في الآخرة، ويرضى في دنياه اليسير من قِسمة العادل سبحانه، ويستعد للابتلاءات الإلهية حتى ينجح في النتيجة النهائية، وقد صرّح الله تعالى بذلك عندما أوحى إلى نبيّه داود ع: "وُضعت الراحة في الجنة وهم يطلبونها في الدنيا فلا يجدونها" #عدة_الداعي ، هذا هو الطبيعي من المؤمن العادي، فكيفَ بالذي لا يرضى إلا بنُصرة الإمام المهدي عج؟ وكيفَ الذي لا يرضى في الآخرة إلا بجوار محمد وآله ص؟ هل يُعقل بأن هذا الهدف يُقابله راحةٌ في الدنيا؟ هل من المنطق أن هذه الدرجة الاستثنائية ستكون بلا غربلة؟ بل ستقوم الدنيا وتقعد على رأسه لتحول بينه وبينَ سادة الخلق، وعليه بالرّد عليها بالتمسّك بالحق وتحصين نفسه وتزكيتها والصبر على بلاءاتها بعد التوسّل بمن أمرنا القادر سبحانه وتعالى بالتوجّه إليهم


الدنيا دارُ شقاء، والشقاء فيها على حُب #علي_بن_أبي_طالب هو عينُ السعادة، والرّاحة وهمٌ لا وجودَ لها إلا بجوار من وُجدَ الوجودُ لأجلهم صلوات الله عليهم، فأسأل من الله عز وجل أن يمدّنا بالمدد من أوليائه لنستلهم منهم الصبر على بلاء هذه الدنيا فنكونَ معهم في الدنيا والآخرة


#أحمد_صديق