Thursday, 7 September 2017

فقط لو نعلم قيمة هذه الجلسة بين الحرمين ؟


فقط لو نعلم قيمة هذه الجلسة بين الحرمين ؟




كنتُ صغيرًا وكنتُ أسمع الكل يتحدّث عن #كربلاء ، وشعور الزائر عندما يرى قبّة الحسين عليه السلام وبالخصوص إذا كانت المرة الأولى التي ستكون النظرة التي لن ينساها أبدًا، وغالبًا ما كان النّاس يتحدّثون عن أنّك ستنسى نفسك وحاجتك وكل ما تتمناه عندما تحتضن شبّاك الإمام الحسين عليه السلام، فكبرتُ وأنا أرسم لكربلاء صورة غير التي أراها بالصور، صورة أكبر وأوسع وأعظم، وأنتظر ذلك اليوم الذي سأزور به حبيبي الحسين عليه السلام، وفي صغري لم يكن هناك من يزور الحسين ممن أعرفهم فقد كانت الزيارة ممنوعة، وكلمة "زائر" لم تكن إلا كلمة في أبياتِ الشعر وحلمًا لن يتحقق، ولم نكن نملك من كربلاء إلا الخيوط الخضراء الممسوحة بالشباك منذ سنين طويلة، فكانت هذه الربطات والخيوط هي " كل ما نملك من #كربلاء " ، ولم أكن أسمع إلا كلمة "كان" في القصص التي تُروى عن الزائرين السابقين، إلى أن سقط النظام في بداية الألفية الجديدة فعادت الملايين المتعطشة للزيارة تزحف إلى كربلاء، وأصبح الحلم واقعًا وأصبحت زيارة الحسين عليه السلام ممكنة!

ولكنها للأسف كانت متعسّرة علينا لسنواتٍ عديدة، بسبب العلاقات السياسية المتوتّرة فلم تكن الزيارة إلا لذي حظ العظيم، يضرب كل القوانين عرض الجدار ليغامر بحياته ويواجه حقًّا "الخطر الحتمي" لأجل زيارة الإمام الحسين عليه السلام، فكنت في تلك السنين بين الرجاء والخوف؟ هل سـأزور الحسين عليه السلام؟ هل سـأكون في #كربلاء ولو لمرة واحدة في حياتي؟ هل سأحتضن الشباك وأشم رائحة التفاح التي لطالما سمعت القصص عنها؟ أم أن الموت سيحول بيني وبين زيارة حبيبي الإمام الحسين عليه السلام الذي لطالما تمنّيت تقبيل عتبته والزحف لقبره الشريف، إلى أنْ دارت الأيّام وسجّل الحسين عليه السلام اسمي من زواره – وسأحكي لكم قصة الزيارة الأولى في وقتٍ لاحق – و وقفتُ في منطقة #بين_الحرمين مذهولاً، أكادُ لا أصدّق نفسي، وأذكر أنّي لطمتُ وجهي بقوّة خائفًا من كوني أحلم! هل أنا حقًّا بين الحرمين؟ هل هذه حقًّأ #قبة_الحسين ؟ وكنت أردد كلماتٍ فارسية لقصيدة كنتُ أحفظها منذ صغري مضمونها: "الكل زار يا إلهي، إلا أنا فمتى سأزور كربلاء؟"، ولكني الآن أقف أمام قبة الحسين عليه السلام! وكنت أتمنّى أن أصف لكم شيئًا من #كربلاء ولكني لا أريد أن تتخيلوا كثيرًا وتتوقّعوا، وأنا آسف ولكني سأكون صريحًا، كربلاء ليست كما تتوقّعون أو كما تتمنون، كربلاء ليست كما تعتقدون، كربلاء ليست جميلة كما تتصورون، ولا رائعة كما يصفون، بل هي "جنة" فيها ما لا عينٌ رَاَتْ ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ ولا خَطَرَ على قلب بشر! فلن يفيدكم أي شرحٍ أو حديثٍ او قصة، لن يفيدكم إلا لقاء الحسين عليه السلام و وقفتكم بين الحرمين أمامَ قبّته.

ومن هنا بدأ جنون الزيارة، ومنذ تلك اللحظة وأنا لا أفارق الحسين عليه السلام ولا أطيق فراقه ولا أستطيع الابتعاد عن زيارته ولله الحمد، وها أنا بعد سبع سنين منذ أول زيارة وأنا أحرص على زيارته في كل فرصة ممكنة، إلى أن أتت هذه الزيارة الأخيرة في عَرَفة، حيث أني كنت في #بين_الحرمين ألطم وأعزي مع هؤلاء المجانين المخلصين، وفجأة اخترق قلبي خوفٌ شديد، وتذكّرت اللحظة التي كنت فيها صغيرًا محرومًا من الزيارة ولا أسمع إلا القصص، وسألت نفسي: هل ستعود تلكً أيام الحرمان من جديد؟ هل سنُحرم من الزيارة مرة أخرى؟ هل سنكون كلنا بعد سنين نحكي قصصًا عن الزيارة ولا يمكن لأحد الوصول إلى كربلاء؟ فالدنيا تدور ولا نعلم أين سترسي السفن، وإمامنا و ولي أمرنا الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف لا زال غائبًا، فماذا لو انقلبت الدنيا مرة أخرى؟ وأغلقت حدود كربلاء؟ فانتبهت من غفلتي وشكرتُ الله عز وجل على وجودي في #كربلاء وسألته أن لا يحرمني من هذه الزيارة العظيمة، والتفت حولي ونظرت إلى المعزّين، وقلت في نفسي لو أننا حقًّا نعلم قيمة هذه الجلسة التي كان ولا زال يتمناها الملايين لمُتنا في مكاننا! لو كنا حقًّا نخاف من ابتعادنا عن هذه البقعة المباركة لصرخنا وأدمينا الجفون والعيون في عزائنا!

اللهم لا تبعدني عن الحسين عليه والسلام وكربلاء طرفة عينٍ أبدًا، وارزقني دائمًا وأبدًا زيارته وزيارة أخيه أبي الفضل العباس عليه السلام في جنة العشق #كربلاء ، فلا طاقة لي على فراقه أبدًا.

كل مخلوق بالدنيــا عنــدي لفرقتـــه طاقه
بس احسين أبوالسجاد ما أقدر على فراقه

عبدكَ وابن عبدكَ وابن أَمَتِكَ
المقرّ لكَ بالرقِّ ياحبيبي ياحسين
#أحمد_صديق
 ٧/٩/٢٠١٧